في عام 1904، بُنيت أول ناطحة سحاب في شارع واشنطن، وهي مبنى وايتهول. غيّر هذا المبنى طابع الحي، إذ تحولت المساكن إلى أبنية تجارية. وعند افتتاح مبنى وايتهول، استأجر رجل سوري اسمه مايكل قيدوح متجرًا على زاوية شارع واشنطن، وخصصه للحلوى والتبغ، وكان يستقبل المهاجرين الجدد عند وصولهم. ولم يمتلك معظم السّوريين واجهات فخمة لمتاجرهم، وعاشوا وعملوا في المكان نفسه، فكانت مساكنهم بالقرب من متاجرهم أو فوقها مباشرة. وُجد أكبر سكن سوري في شارع واشنطن 25-27 من الناحية الشرقية. كان مسكنًا مزدوجًا يتألف من خمسة طوابق، وأوى ما يقرب من 150 سوريًا في عام 1900. وبجانب المتاجر الموجودة على الشارع، يوجد ثلاثة سلالم مظلمة للوصول إلى الشقق أعلاه، حيث كانت ظروف المعيشة مزرية. قُسّمت هذه الشقق الفاخرة إلى غُرف، ولم يكن لأي منها نافذة، وسيطر الظلام عليها معظم الوقت، ولم يجدوا الضوء إلا من خلال الشمعة. وكانت دورات المياه في الخارج، فاضطر بعض السكان إلى السير خمسة طوابق للوصول إليهم. وقبل القيام بالإمدادات الصّحية، قاموا بالغسيل في الخارج أيضًا. ومن المتعارف عليه أن السّوريين اتفقوا على الحفاظ على نظافة الغرف، إلّا أن المناطق كانت متسخة ومتهالكة.
تفشى مرض السّل في أرجاء المنطقة، حتّى أن دراسة أُجريت عام 1903 أظهرت أن الحّي السوري والحي الصّيني سجلا أعلى معدلات لإصابات السل للفرد الواحد في المدينة، إذ كان لسوء التغذية دور في وفيات الأطفال. عاشوا في ظروف تعيسة، لكنهم عملوا دون كلل كي يحسّنوا حياتهم، وبالفعل نجح البعض منهم ماديًا، ولم يتخلوا عن أحلامهم التي تجاوزت العيش فقط. وأسسوا ست جمعيات قبل مطلع القرن، مثل الجمعية السورية التي تأسست عام 1892، والجمعية الخيرية للسريان الأرثوذكس، والمنظمة السورية المارونية الخيرية.كانت بعض الشعوب طائفية بطبيعتها، وبعضها الآخر سياسي، لكن العديد منها انتمى إلى المجتمع الأدبي، وكان الرجال أو النساء يجتمعون ويطرحون قضية ويقدمون حججًا لصالحها أو ضدها. ولطالما ترافقت هذه النقاشات بالطعام والشراب، وهذه إشارة أنهم استمتعوا بالتواصل الاجتماعي بقدر ما كانوا يستمتعون بالمناقشة. واحتفلوا بالمعمودية والأعراس بحرارة، إذ كان الرجال يلقون الخطب أو يكتبون الشعر لهذه المناسبة، وكان يودع المتوفى بأسلوب خطابي من قبل أتباعهم في الدين.