عند قراءة مئات شهادات الوفيات لأعضاء المجتمع (لم يكن تقديم شهادات الوفاة في مدينة نيويورك إلزاميًا حتى القرن العشرين)، تتفاجأ بعدد وفيات الأطفال: خمسة وأربعون طفلًا دون عمر الثانية. مات معظمهم بسبب الفقر، هزال سوء التغذية والدنف، كلاهما مرضان مرتبطان بسوء التغذية، بالإضافة إلى أمراض الرئة بسبب ظروفهم المعيشية، وبعض أمراض الأطفال الشائعة مثل التهاب المعدة والأمعاء والحصبة التي لن تكون اليوم مميتة، وحتى في ذلك الحين ربما لم تكن مميتة لأطفال الآباء الأثرياء.
بينما عانى الكبار من السّل بسبب كثافة السّكان وعيشهم في ظروف غير صحية. وانتشر السّل في شارع واشنطن، وعلى الرّغم من جهود المدينة للوقاية منه، إلّا أنّ آفته استمرت لعقود. وانتشرت أمراض رئوية أخرى وعُرفت بأنها مميتة مثل التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي.
أمّا بالنسبة للنساء والأطفال، قامت ثلاث قابلات سوريات: ملكة نفاش وماني شهدان وباربرا سرجاني بالاهتمام بهن، وقاموا بتوليد معظم أطفال المجتمع في البيوت في الأيام الأولى. لم تكن هذه القابلات مؤهلة لعلاج الأمراض الخطيرة، ووقع كل الأطباء الذكور على جميع شهادات الوفاة، وكثير منهم من الأطباء السوريين المدربين في الغرب والذين قدموا إلى الولايات المتحدة بشهادات طبية من الكلية السورية البروتستانتية (الآن الجامعة الأمريكية في بيروت)، أو حصلوا على درجات علمية في كليات الطب الأمريكية. وسرعان ما استبدلوا القابلات في الرعاية الصحية الأساسية، إذ قاموا بتوليد الأطفال وتوفير الرعاية الإنجابية للنساء. ولكن مع انتقال الأطباء إلى بروكلين، إلى جانب السوريين الأثرياء الآخرين، بقيت المستوطنة في مانهاتن فقيرة وبحاجة إلى الخدمات.لكن مجتمع بروكلين كان أفضل حالًا، حيث شعر المستوطنون بدفء الضوء وحصلوا على متنفس للهواء ومساحة أكبر، وعاشوا في ظل وظروف صحية بشكل عام، لذلك تحسنت صحتهم وأمد حياتهم.