القابلة ملاك نفاش، كاليفورنيا عام 1910، بإذن من رينيه هونيغ.

الظروف الصّحية

كما الحال في أحياء المدن الفقيرة، كانت الظروف الصّحية في حي السّوريين سيئة للغاية، فلم يكن هناك أي متنفس للضوء أو للهواء في مبانيهم، ناهيك عن الاكتظاظ السّكاني الرهيب، والرّطوبة بسبب فيضان نهر الهدسون المتكرر، ممّا أدى إلى غرق كل الطوابق السّفلية، كل هذه الظروف أدت إلى انتشار الأمراض المنهكة وفي بعض الأحيان الأمراض المميتة أيضًا. وكان للفقر دورٌ أساسيّ أيضًا، فقد أدى إلى وفاة أشخاص بسبب سوء التغذية، وسجل الحيّ السّوري أعلى معدل إصابات بمرض السّل بسبب سوء التغذية (تُظهر الخريطة أدناه حالات السّل عام 1913). وساهمت ثلاث نساء قابلات في التخفيف من هذه المعاناة، فلم يساعدوا فقط في ولادة الأطفال بل قدموا الرّعاية الصحية العامة للعائلات أيضًا.

وبعد فترة، تم مساعدة هؤلاء القابلات واستبدالهم بأطباء سوريون مدربون في الغرب، وبعض هؤلاء الأطباء قدموا خدمات رعاية مجانية أو بتكلفة قليلة لأبناء وطنهم، واختص اثنان منهما في معالجة مرض السّل.

ولم تتحسن ظروف العيش الصّحية للسّوريين إلّا بعد انتقالهم لبروكلين وتحسن أوضاعهم الاقتصادية.


حالات مرض السّل في الحي السّوري عام 1913.
حالات مرض السّل في الحي السّوري عام 1913.
عاش السوريون في شارع واشنطن في مساكن مزدحمة وغير صحية، مما تسبب في انتشار أمراض مميتة وارتفاع معدلات وفيات الرضع (ليندا جاكوبس، محادثات أفكرا، عام 2021).

في منطقة يسكن في معظمها السّوريين... سُجل في السنوات الثماني (من عام 1894 إلى 1902) 200 حالة وفاة بسبب المرض [السّل].

نيويورك تايمز، 2 أغسطس 1903، صفحة 29.
القابلة المارونية ماني شهدان، عام 1897. بإذن من مات ويليامز
القابلة المارونية ماني شهدان، عام 1897. بإذن من مات ويليامز
 

عند قراءة مئات شهادات الوفيات لأعضاء المجتمع (لم يكن تقديم شهادات الوفاة في مدينة نيويورك إلزاميًا حتى القرن العشرين)، تتفاجأ بعدد وفيات الأطفال: خمسة وأربعون طفلًا دون عمر الثانية. مات معظمهم بسبب الفقر، هزال سوء التغذية والدنف، كلاهما مرضان مرتبطان بسوء التغذية، بالإضافة إلى أمراض الرئة بسبب ظروفهم المعيشية، وبعض أمراض الأطفال الشائعة مثل التهاب المعدة والأمعاء والحصبة التي لن تكون اليوم مميتة، وحتى في ذلك الحين ربما لم تكن مميتة لأطفال الآباء الأثرياء.

بينما عانى الكبار من السّل بسبب كثافة السّكان وعيشهم في ظروف غير صحية. وانتشر السّل في شارع واشنطن، وعلى الرّغم من جهود المدينة للوقاية منه، إلّا أنّ آفته استمرت لعقود. وانتشرت أمراض رئوية أخرى وعُرفت بأنها مميتة مثل التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي.

أمّا بالنسبة للنساء والأطفال، قامت ثلاث قابلات سوريات: ملكة نفاش وماني شهدان وباربرا سرجاني بالاهتمام بهن، وقاموا بتوليد معظم أطفال المجتمع في البيوت في الأيام الأولى. لم تكن هذه القابلات مؤهلة لعلاج الأمراض الخطيرة، ووقع كل الأطباء الذكور على جميع شهادات الوفاة، وكثير منهم من الأطباء السوريين المدربين في الغرب والذين قدموا إلى الولايات المتحدة بشهادات طبية من الكلية السورية البروتستانتية (الآن الجامعة الأمريكية في بيروت)، أو حصلوا على درجات علمية في كليات الطب الأمريكية. وسرعان ما استبدلوا القابلات في الرعاية الصحية الأساسية، إذ قاموا بتوليد الأطفال وتوفير الرعاية الإنجابية للنساء. ولكن مع انتقال الأطباء إلى بروكلين، إلى جانب السوريين الأثرياء الآخرين، بقيت المستوطنة في مانهاتن فقيرة وبحاجة إلى الخدمات.لكن مجتمع بروكلين كان أفضل حالًا، حيث شعر المستوطنون بدفء الضوء وحصلوا على متنفس للهواء ومساحة أكبر، وعاشوا في ظل وظروف صحية بشكل عام، لذلك تحسنت صحتهم وأمد حياتهم.


ملكة نفاش، قابلة أرثوذكسية، تقريبًا عام 1908. بإذن من رينيه هونيج
ملكة نفاش، قابلة أرثوذكسية، تقريبًا عام 1908. بإذن من رينيه هونيج
د. أ.ج. مصور وعروسه جوليا معلوف عام 1902.
د. أ.ج. مصور وعروسه جوليا معلوف عام 1902.
الدكتور رزق حداد الذي عالج العديد من أفراد مجتمع بروكلين، بإذن من زلفة حوراني.
الدكتور رزق حداد الذي عالج العديد من أفراد مجتمع بروكلين، بإذن من زلفة حوراني.
إعلان للقابلة مالكة نفاش عام 1910 . بإذن من مركز خيرالله.
إعلان للقابلة مالكة نفاش عام 1910 . بإذن من مركز خيرالله.